هو اسمه السيد مش سيد. تقريباً ابوه كان نفسه ابنه يطلع حاجة كبيرة و جامدة في البلد و يكون ذو شأن عظيم و يكون سيد بين الناس … فسماه السيد.
اتولد في الاربعينات، ابوه موظف صغير في وزارة الاوقاف و امه ست بيت مش متعلمة و له اخ واحد اصغر اسمه ناصر. ده وقت جمال عبناصر و مرحلة انبهار الناس بالمنقذ اللي خلصهم من فساد الملكية (كانوا طيبين اوي الناس دي زمان) المهم السيد و اخوه اتعلموا في مدارس حكومة و دخلوا الجامعة … السيد دخل حقوق و ناصر منفعش فحول و دخل معهد صنايع. واحد طلع محامي و التاني سباك بس بيحب عبناصر و يعشقه لأنه هو اللي خلص مصر من الفسدة و الحرامية (ابوه علمه كدة)
المهم ان السيد بقي افوكاتوا و لكن بسبب تأثير ابوه عليه انتهي بأنه اشتغل موظف في وزارة ما في الشئون القانونية … هو ده الضمان في المستقبل: ان فاتك الميري اتمرمغ في ترابه.
وًتمر السنين و الاب يموت ووراه الام و يفضل السيد و ناصر لوحدهم.
نسيت اقول ان ناصر مع الوقت كان بيكسب اد مرتب السيد عشرين مرة و مفيش لا ضرايب و لا خصومات و لا اي حاجة… كله كاش موني.
بس للامانة الولاد كانوا كويسين اوي مع بعض. و ناصر شاف حال اخوه فسابله الشقة بتاعة اهلهم يتجوز فيها و طلع هو اجر شقة تانية مش بعيدة عن اخوه بس قرر انه مش حيتجوز و يركز في الشغل و يبقي غني.
المهم يا سادة يا افاضل و حتي اللي مش افاضل، السيد قابل بنت الحلال و اتجوز و مرتبه زاد شوية و بقي يدوبك يكفي مصاريفهم و ساترهم عن الحاجة.
مات جمال عبد الناصر و في ناس زعلت زي ناصر كدة و في ناس شتمت و في ناس سكتت زي السيد كدة… مبدأهم انا مليش دعوة طالما مفيش حاجة ضرتني يبقي انا مالي. ناصر كان من الناس اللي نزلت الجنازة و عيطت و اتشحتفت… كان بيروح يصلح سباكة في بيوت ناس غلابة يلاقي ان ابوهم مقبوض عليه او اخوهم محبوس او خالهم مات في الحرب او مش عارفي سكة عمهم… و يرضه يروح يشتغل فبيوت ظباط يلاقي عز و فخفخة و حاجة اخر جمال… لما فكر و سأل و اتكلم عالقهوة مع اصحابه فهم ان في مصر بتاعة المصريين و في مصر بتاعة الظباط…بس مصدقش عنيه … اصل عبناصر مستحيل يرضي بكدة… بس نصحوه اهل الخبرة يسكت خالص و ملوش دعوة و خليه هو في سباكته وورشته… ناصر سمع الكلام و خصوصاً ان الفلوس ابتدت تزيد و الشغل يكبر.
السيد الناس اللي حواليه استغربوا انه ماشي جنب الحيط و ده راجل محامي دارس و فاهم و عارف القانون وممكن يساعد ام عيد اللي ابنها عيد محبوس و مش عارفين طريقه و لا الحاج عارف اللي اخوه طلع من السجن مش فاكر اسمه من التعذيب و غيره و غيره… لكن السيد كان عامل من بنها … طالما هو متضرش من اي حاجة يبقي ملوش دعوة بأي حاجة… جنب الحيط.
و يمسك السادات و الانفتاح يلعلع و ناصر يلعلع معاه ساب السباكة و فتح معرض ادوات صحية و لعبت معاه و عدي و ركب الخنزيرة… السيد كان لسة زي ما هو مرتبه بيزيد زيه زي باقي موظفين الحكومة… يقعد يسمع خطبة الريس بس علشان يعرف اخبار علاوة العيد و ملوش في اي حاجة تانية في الخطبة… طالما متخصنيش او تضرني يبقي مليش دعوة. ناصر كتر خيره كان بيزور اخوه و ميدخلش عليه و ايده فاضية ابداً … الصراحة الاخوات كان حلوين مع بعض.
المهم مات السادات و مسك مبارك و السيد زي ما هو و ناصر زي ما هو برضه… السوق شوية فوق و شوية تحت و ناصر بقي تحت … بس حد ابن حلال عرفه سكة واحد ابن حد مهم في البلد و دخل معاه شراكة شركة مقاولات و شوية كدة و الحال اتحسن… البركة في مشاريع الحكومة وولاد الحكومة.
و تمر السنين و السيد طلع معاش و يدوبك معاشه يوكله و ينيمه و يشريه القهوة بتاعته في بلكونة البيت كل يوم الصبح. ناصر طلب من اخوه انه يساعده بما انه محامي و يراجعله العقود و كدة يعني (الصراحة دي كانت حجة علشان يساعده مالياً من غير ما يجرحه) و مشي الحال السيد يراجع العقود و هو بيشرب القهوة في البلكونة و اخر الشهر يبقبض مرتبه من اخوه و يبقب المعاش عالمرتب و يعدي الشهر … مصاريفه هي هي… ايجار شقة اهله و اكله هو مراته و علاجهم في التأمين الصحي و زاد عليه بس فاتورة المحمول اللي جابهوله ناصر هدية…. و لكن مستورة. و فضل السيد زي ما هو في حاله لا بيتكلم في اي موضوع طالما مايخصوش او يضره يبقي هو ملوش دعوة.
و تقوم الثورة ويجي الاخوان و ناصر شغله يقف و السيد استغني عن القهوة الصبح حفاظاً علي اللي فاضل من المرتب. و اتشال الاخوان و جه اللي بعدهم و السيد ملوش دعوة… ده حتي بطل يشتري الجرنال لما سعره زاد وًمش ناقصة وجع دماغ من اخبار لا تخصه و لا له دعوة بيها.
و مسك العسكر و ناصر عرف يدخل في دهاليز النظام و شغله نعنش و لعب الزهر و انطلق ناصر و ساحب معاه السيد في مشاويره (منظر فقط) علشان يقدر يساعده مالياً… اصل العقود دلوقت مينفعش تتراجع … العقد بياخده زي ما هو و يمضيه و يشتغل . اصله مش حيصلح عالحكومة يعني… و دي كانت نصيحة السيد لأخوه … امشي جنب الحيط يا ناصر طالما الامور ماشية و مالكش دعوة بحاجة. و ناصر شايف ان رجالة عبناصر مستحيل يضروه… ده حتي اسمه ناصر زي الريس الله يرحمه.
المهم السيد عاش و كبر و عجز و فضل عايش في شقة اهله من غير حتي ما يدهن حيطانها و لا يغير الفرش من يوم جوازه لحد ما مات. و ساب مراته عايشة في الشقة و تقبض المعاش و المساعدة من ناصر لأرملة اخوه (الصراحة ناصر مقصرش معاها و لا يوم).
المهم تمر الايام ناصر شغله وقف … اصله نسي نصيحة اخوة السيد (الله يرحمه) متحاولش تصلح عالحكومة و طالما الامور ماشية فمالكش دعوة.
ناصر نسي و حاول يصلح علي الباشا و النتيجة مفيش عقود و مفيش دفع و مفيش حاجة من الاخر كدة… و اللي في اعلي خيلك اركبه (معرفش معناها ايه بالظبط) بس من الاخر ملكش حاجة عندنا. .. و طبعاً المعونة الشهرية وقفت لأرملة المرحوم السيد. و ناصر مش عارف يلم فلوسه و لا يدفع ديونه و لا يشتغل سباك تاني… نسي الصنعة و السن بقي مش مساعد. قعد في بيته يتعالج من الضغط و السكر اللي جولوه لما اتاكلت عليه فلوسه… و لا زوجة و لا اولاد و لا اخ يسأل عليه و مات.
الست ارمله السيد قللت مصاريفها علي قد المعاش و عاشت ممكن تخيط حاجة لحد من الجيران او تطبخ اكله لحد فيهم و هما بيراعوها لحد ما بقتش قادرة تقف علي رجليها… و عاشت قافلة بابها عليها مستنية الفرج من عند الله.
الفرج مجاش الحقيقة و انما محضر جه و معاه ورق كتير … الخلاصة ده امر اخلاء للشقة حسب القانون الجديد. ورثة ورثة صاحب العمارة بيطردوها من الشقة اللي جوزها ورثها عن اهله و اللي هو بيتها و مأواها الوحيد دلوقت.
الخلاصة يا سادة يا افاضل و حتي اللي مش افاضل:
السيد مشي جنب الحيط و ناصر لعب عالحيط و لا ده نفع و لا ده نفع…. و في الأخر الحيط وقع.